الأمين العام للجماعة في شابهار للقاء أعضاء هذه المنظمة المدنية

وصل الأستاذ عبد الرحمن بيراني، الأمين العام لجماعة الدعوة والإصلاح، على رأس وفد من المسؤولين المركزيين، إلى شابهار يوم الخميس 18 يوليو، للقاء أعضاء فرع سيستان وبلوشستان.

ورافقه في هذه الزیارة کل من رئيس الهيئة التنفيذية المركزية جمال إسماعيلي، ورئيس مقر انتخابات الجماعة صلاح قاسمياني، وناصر سلجوقي عضو المكتب الرئيسي للجماعة.

وفيما يلي نص كلمة الأمين العام لأعضاء هذا الفرع:

 الحمد للّه والصّلاة والسّلام علی رسول اللّه وعلی آله وأصحابه ومن والاه

رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنک رَحْمَةً وَهَیئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا

رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِک وَلَا تُخْزِنَا یوْمَ الْقِیامَةِ ۗ إِنَّک لَا تُخْلِفُ الْمِیعَادَ

رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونَا بِالْإِیمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّک رَءُوفٌ رَّحِیمٌ

اللّهم یسّر حسابنا ویمن کتابنا وثقّل میزاننا واحشرنا مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَت عَلَیهِم مِّنَ النَّبِیینَ وَالصِّدِّیقِینَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِینَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِک رَفِیقًا 

نحن سعداء جداً بأن الله تعالی منحنا مرة أخرى فرصة الحضور وتشرفنا بلقائکم يا إخوتنا وأخواتنا الأعزاء في الإيمان، وإن شاء الله تعالی يكون هذا التجمع مصحوباً بحضور الملائكة ونزول النور والرحمة ونشكره عز وجل علی أننا نرافق جماعة مباركة یکون الإيمان والأخوة الإيمانیة صفتان ورکنان الأساسيان لها وعاملان قيمان يستحقان أن نخدم دين الله وعباده في نورهما. والحمد لله أن جهود جماعة الدعوة والإصلاح لا تنتهي على حساب الفرد وكل واحد منا لديه هدف عظيم وهو "نيل رضوان الله وخدمة دين الله وعباده".

والآن بفضل الله تنشط الجماعة في كل المحافظات التي یتواجد فيها أهل السنة  تواجداً كبيراً ولديها كوكبة من العلماء والمفكرين الذين يشكلون في بعض الأحيان رموزا اجتماعية قيمة. نحن لا ندعي أن كل أهل الخير معنا، ولكننا نحمد الله علی أن قسماً من أهل الخير لا يستهان به يرافقنا. والحمد لله أن هناك علاقة روحية وثيقة بين الأعضاء وجماهير الجماعة الأعزاء في بلادنا الحبيبة ومن الواضح أن وجود شبكة من الإيمان والروحانية هو أمر قيم وثمين للغاية؛ وفي الأساس في عالم اليوم، ليس من السهل تكوين شبكة أو مجموعة لديها علاقة صادقة حمیة مع بعضها البعض وليس لها هدف سوى خدمة مواطنيها.

لقد وصلت هذه الجماعة إلى مكانة تستحقها بجهود أمثالكم من الأعزاء والذين ليسوا معنا الآن وهم في ذمة الله وأتمنى أن نقدر هذا النجاح وهذه الشخصية الحقوقیة الغالية وهذا الكون الثمين ونعمل بجد ويقظة لحمايته. الجماعة بحمد لله خلال هذه السنوات الأربعين التي عاشت وجودها المبارك في أرض إيران، قدمت خدمات کلما رزقها الله التوفیق ولم تسبب أي مشاكل. وإن شاء الله سيكون هذا المجتمع دائما مصدر خير وبركة للوطن وأبنائه.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء؛ أنتم تعلمون جيداً أن الله العظيم جعل الإسلام أعلى سقف التدين لنوع البشر ولقد وضع الله عز وجل دين الإسلام من أجل رفعة الجنس البشري وتمييزه وسيره على طريق تعاليم الإسلام الفريدة في أعلى مستوی يمكن للإنسان أن یعبد الله بوعي وصدق. ومن الجدير بالذكر أن دين الإسلام مرتبط بالفطرة النقية، والطبيعة الإنسانية، وهي طبيعة متوافقة ومرتبطة بالتدين. ويقول بعض أهل العلم في هذا السياق: إذا وضعت طفلاً في مكان بحيث لا تعلمه أي سلوك حسن أو سيئ، ولم يتدرب على السلوك الجيد والحسن أو غير اللائق والسيئ، فعندما يكبر، يميل بطبيعته إلى الخير، وإلى الحق والعدل، والتعاون، لا إلى الشر. ولذلك امتزجت الطبيعة البشرية مع تعاليم الدين السامية وأخلاق الإسلام العالیة، فهو دين كل مكان وزمان ودین عالمي أبدي.

انطلاقاً من فضله ومن أجل مساعدة الإنسان کخليفته في الأرض، أنزل الله تعالی القرآن المسطور (القرآن الكريم) ليهدایته من ناحية، وجعل القرآن المنظور (الکون) معادلاً له من ناحية أخرى ، بحيث أنه من خلال التأمل في ذلك واكتشاف الشرائع الإلهية والسنن الجاریة علی الوجود والحياة والحقائق المخفية فيها، تظهر أبعاد عظمة وصدق الدين المبين وسوف تتبلور حقائقها المسلمة أكثر فأكثر؛ لأن الإنسان الذي اختير لخلافة الله في الأرض، له مكانة خاصة ووكلت إليه مسؤوليات كبيرة، وبحسب العلامة راغب الأصفهاني، تتلخص في ثلاثة محاور: "عبادة الله وعمارة الأرض وإقامة العدل". عبادة الله هي العبودیة الحرة الواعية، وعمارة الأرض هي محاولة إثراء الأرض والحياة، والمبادرة والمساعدة في تسهيل الحياة.

وأنتم تعلمون جيداً أن الفضائل الأخلاقية الرفيعة التي أوجب الإسلام على الرجل المسلم الالتزام بها، سواء كان فرداً في الأسرة أو عضواً في المجتمع، تلعب دوراً أساسياً في تيسير الحياة، وفي هذا السياق، ما أجمل قول رسول الرحمة (ص): "وَلاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ" فعلى سبيل المثال، عندما تحيي شخصًا ما وتسلم علیه، وتحترمه وتساعده، فإنك في الواقع تجعل الحياة أسهل بالنسبة له، وفي نفس الوقت الذي تخدمه ترفع من كرامتك ومكانتك، وتظهر على مستوى الإنسان کخلیفه الله وممثلاً له في الأرض. والحمد لله، في هذه المحافظة (سيستان وبلوشستان)، تلعب مؤسسة صابرین الخیریة دورًا كبيرًا في هذا الصدد.

وفي الختام، أنتم أيها النبلاء تعلمون جیداً أننا نعيش في عصر التحولات والتغيرات السريعة والكثيرة والعميقة جدًا، وفي نفس الوقت تؤثر على حياتنا؛ ولذلك لا يمكننا أن نتجاهل هذه التغيرات والتحولات؛ لأنها تغير الأعراف الثقافية والسياسية والاقتصادية والأخلاقية وأحياناً حتى الدينية؛ ولذلك فإن الاهتمام بهذه التغيرات أمر ضروري وحيوي. يقول الإمام ابن القيم (رحمه الله): إن الحكام والعلماء والقضاة والمجتهدين والحركات التي تولت مسؤولية بيان تعاليم الإسلام كرسالة لها لا بد أن يكون لها نوعان من الفهم الدقيق:

"فهم الواجب والفقه فیه وفهم الواجب فی الواقع" مثلا الآن علینا أن نفهم جيداً ما الوضع الذي نحن فيه؟ وما هي الأحكام المقررة لها وما الواجب الذي يقتضيه هذا الواقع والظروف التي نحن فيها؟ بمعنى آخر، إذا لم نفهم الظروف والزمان والوضع الذي يحكم مجتمعنا، فإننا في الحقيقة لا نفهم حكم الله أيضًا، لأنه في بعض الأحيان تكون الأحکام الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية مناسبة لزمان ومكان خاصین.

وأسأل الله تعالی أن يوفقنا حتى نحل مشاكل عباد الله ونربط قلوبهم بنور الوحي والهدایة الإلهية ويرزقنا الجدارة والاستحقاق حتى يتحقق الوئام والتوفيق بين المبادئ الدين ومصالح العباد، كما قال تعالی: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" ‎ ﴿العنكبوت: ٦٩﴾‏